من خلال المناقشات مع كثيرات ممن يطالبن بحقوق المرأة في المساواة، وجدت أن هناك خطأ في تصورهن لمفهوم المساواة، ومنها فكرة القوامة التي أصبحت محل جدل واسع في ظل قضايا تمكين المرأة وخروجها للعمل ومشاركتها بالفعل في النفقة داخل البيت.
فكرة المساواة وصلت لدى بعضهن إلى حد تغييب دور الرجل داخل الأسرة طالما أن المرأة أصبحت مستقلة ماديا بل وهي تنفق ربما عليه وعلى اولادها إن كانت زوجة أو على أسرتها بشكل عام إن كانت بنتا أو اختا أو أما.
هنا لابد من وقفة…
لا يمكن أن ننكر في هذا السياق أن تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية دعت دون شك إلى المشاركة بين الزوجين أو مشاركة المرأة عامة سواء كانت بنتا أو أختا في احتياجات ونفقات البيت، وهذا يندرج تحت “الفضل” لا الأمر، حيث تفعل الزوجة ذلك مثلا عن طيب خاطر حتى تساهم مع زوجها في أعباء الحياة المادية، لكن إذا انقلب الأمر إلى استغلال من البعض في مقابل خروجها للعمل واقتطاع وقت خارج البيت من وقتها المخصص للأسرة فهذا من فساد الذمم وتدهور الأخلاق، قال تعالى: “فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا” (سورة النساء: الآية 4). فللنساء ذمة مالية مستقلة وشخصية وإرادة وهِمة للعمل والفكر تؤهلها لإنتاج المعرفة Knowledge Production لا لتظل هي دائما محور الحديث، وعلى الرجل فهم ذلك والتعامل معه، وهنا يجب أن تدرك كل فتاة وسيدة أن ذمتها المالية المستقلة لا تعني التعامل مع الجنس الآخر بطريقة يشوبها استعلاء أو حتى استغناء (عن وجود الرجل في حياتهن في المقام الأول)، لأن هذا يخالف الطبيعة التي خلقها الله في البشر وهي “وتعاونوا على البر والتقوى”.
فالأصل في الخلق التعاون والمشاركة، كل له صفاته وخصائصه وقدراته ونصيبه من الاستقلالية والخصوصية، وهذا ينتج عنه علاقات سوية متوازنة إذا أدرك الرجال والنساء صحيح المفاهيم والتزموا بها وهذا الأمر الذي حسمه النبي (صلى الله عليه وسلم بقوله: “ألَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ…”.
وعليه، فلا يمكن أن يتحول مفهوم القوامة في زمن المساواة إلى محض غياب دور الرجل كما هو في الصورة المرفقة، وإنما لابد من الرجوع إلى أصل المشكلة لنفهم من اين نبدأ وننطلق في الاتجاه الصحيح لإدارة شؤون الحياة.